مولد سيدنا عيسي.
بداية معجزات سيدنا عيسى عليه السلام عند ولاته، وهو أن اصعب ما تمر به المرأة هو عندما يأتي المخاض ويجعلها في ضعف شديد وخيفة من أهلها خاصة وهي ما زالت بنت عذراء.وهو حال السيدة مريم بنت عمران رضي الله عنها عندما ادركتها العناية الإلهية بالمنح والمعجزات عند ولادتها لسيدنا عيسى عليه السلام.
وقال الله تعالى ( فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً)
كما قيل أن عندما كانت تلد السيدة مريم السيد عيسى عليهما السلام وكانت في استحياء من الناس بعد أن أنزلته فجاءت معجزة الله عز وجل لها وهو نطق سيدنا عيسى وهو في المهد صغيرا.
حيث أنها كنت تعرف أنها ابتلاها الله دون عن الخلق سيدنا عيس وامتحنها بقدوم هذا المولود إليها وهي لم يمسسها بشر، ويعلم الله عز وجل أن قومها لن يسامحوها على فعلها لولادة صبي إلا وهي زانية.
فقال تعالي في كتابه العزيز (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) وتعد هذه أولى معجزات سيدنا عيسى، وجاء جبريل من تحت النخلة يخبرها أنه عيسى ابنها والذي انطقه الله عز وجل.
وهذا من أجل جعل الله معجزة سيدنا عيسى عليه السلام تطيبا لقلبها واطمئنان لها وهو يقول لها لا تحزني فقد جعل ربك تحتك ثريا والمقصود بها الجدول الصغير أي مجرى الماء.
وأن الله أجراه حتى تشرب منه كما قيل المقصود بالسري أيضًا هو عيسى عليه السلام، كما قيل أيضًا أن السري المقصود به سيدنا جبريل وطلب منها إلا تتكلم حتى تأتي عيسى باهلها.
وقال الله عز وجل لها كلي واشربي وقري عينا أي طيبي على نفسك ولا تحزني ابدآ برؤية الولد النبي فأن الله قادر على نصرك أمام قومك.
تكلم سيدنا عيسي في المهد.
وأمرت السيدة مريم رضي الله عنها أن تصوم عن الكلام ولا تكلم احد من البشر وأن تمكث في عبادة الله فقط.قال الله تعالى ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾
وجاءت مريم وهي تحمل رضيعها ومازال في المهد صبي قد لا يمر على ولادته إلا أيام معدودة، وهذا جعل أعداء الله يتصدون لها ويرموها بالسب في شرفها.
وهنا تأتي معجزة سيدنا عيسى عليه السلام ليخرص كل الألسنة التي تقذف امه البتول الطاهرة وتتهمها في شرفها.
فقال عيسى بن مريم عليه السلام وهو في المهد صبي (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) حيث أنه خاطبهم ووصف نفسه بالعبودية بأنه عبد الله وليس بصفة أن يكون إلهًا أو أبن للإله.
كما اخبرهم سيدنا عيسى بن مريم أن الله أتاه الكتاب وجعله نبيا أي أن الله علمه الكتاب وجعله رسول كريم لقومه بل وجعله من ضمن أنبياء الله عليهم السلام.
كما ذكر لهم عيسى بن مرين عليه السلام وقال لهم (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) أي أنه مبارك في أي مكان وفي أي زمان وعندما يجتمع به انس فانه ينال بركته على الفور.
كما قال أيضًا (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) أي أن الله أوصى سيدنا عيسة بأن يقوم بحقوقه وواجباته والتي من أهمها الصلاة وحقوق العباد والزكاة مدى ما عاش على وجه الأرض.
وذكر لهم أن الله أوصى بأن يكون بار بوالدته وان يحسن إليها في غاية الإحسان.
كما ذكر الله عز وجل قول سيدنا عيسى لقومه (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا) أي أنه لا يتكبر على عباد الله عز وجل وان يكون متواضعا فيما بينهم.
وختم عيسى عليه السلام قوله مع قومه ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ أي أن من فضل الله وإحسانه على سيدنا عيسى بأنه يسلمه من كل شر من يوم ولادته إلى يوم وفاته.
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، وصاحب جريج) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رفع النبي عيسي الي السماء.
قال الله تعالى (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُم) و قال تعالى ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ) تلخص هاتين الآيتين كيف رفع الله عزّ و جلّ سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء ، بداية كان اليهود يتربصون بسيدنا عيسى عليه السلام لقتله و تصليبه ، لذلك أخبر الله تعالى سيدنا عيسى بإن الله تعالى سينجيه من هؤلاء اليهود برفعه إلى السماء ، يقال جزع سيدنا عيسى من عظم هول الرفع إلى السماء ، فعندما رفع الله سيدنا عيسى عليه السلام لم تكن عيناه مفتوحتان أو كان على يقظة بل كان نائماً حسب ما دلت عليه الآية الكريمة في كلمة متوفيك ( و تعني النوم ) و متوفيكم بالليل و تشير للنوم ، أي سيدنا عيسى عليه السلام كان نائماً عندما رفع للسماء و هي حكمة الله عزّ وجلّ في جعل عيسى عليه السلا م نائماً هو هول و عظمة موقف الرفع للسماء و كم طول المسافة بين الأرض و السماء و كم توجد عدد من السماوات هنا في هذه الموقف لا يستطيع العقل أن يدرك الرفع للسماء ، لذلك عندما رفع سيدنا عيسى عليه السلام من الأرض إلى السماء كان نائماً خوفا عليه من هول الموقف و الله تعالى أعلم .و يجدر الذكر تم رفع سيدنا عيسى عليه السلام عندما قتل اليهود شبيه سيدنا عيسى و نوضح هنا إن عيسى عليه السلام ما زال على قيد الحياة عند الرفيق الأعلى في السموات العلى و سينزل إلى الأرض مرة أخرى للقتال مع المسلمين في أواخر الزمان ، و يذكر أن الرجل الذي قتل مكان سيدنا عيسى عليه السلام تعددت الروايات الكثيرة في ذلك و أشهرها شبيه سيدنا عيسى هو من وشى عن مكان عيسى عليه السلام لليهود فألقى الله شبه سيدنا عيسى على ذلك الخائن الذي وشى به عن مكانه لليهود .
إنزال مائدة من السماء لعيسى عليه السلام وصحبه.
أيدّ الله -تعالى- نبيه عيسى -عليه السلام- وأتباعه من الحواريين بإنزال المائدة عليهم من السماء؛ وذلك لتكون عيداً لأولهم وآخرهم، وكان السبب في إنزالها؛ أن قومه طلبوا منه أن يسأل ربه أن يُنزل عليهم مائدةً من السماء، وذكر الله -تعالى- هذه المُعجزة في القُران في سورة المائدة. قال الله -تعالى- في سورة المائدة: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وقيل: إن المقصود بالمائدة هو الطعام الكثير من الله -تعالى- ورِزْقهم إيّاه من غير ما يحتسبون. وقد طلب منهم عيسى -عليه السلام- بأن يتقوا الله في طلبهم هذا، فأخبروه أنهم يُريدونها من باب اليقين بصدقه، والشهادة لله بالتوحيد والنُبوة، ونُقل عن بعض الصحابة كابن عباس وسلمان الفارسيّ -رضي الله عنهما- أن إنزال المائدة كان بعد أن طلب عيسى منهم أن يصوموا ثلاثين يوماً، فطلبوا منه إنزال المائدة؛ للأكل منها، ولتطمئن قُلوبهم، ولتكون لهم عيداً وقبولاً لعملهم، فطلب منهم نبيهم أن يخافوا الله بأن لا يؤدوا شُكرها. فأصروا عليه بسؤال ربه أن يُنزل عليهم المائدة، ثُمّ دعا الله أن يُعطيهم ما يُريدون، فأخبرهم بإجابة الله لطلبهم، ولكن ذلك مقرونٌ بالتهديد منه بتعذيب من يكفُر بعد إنزالها.والله تعالى أعلى وأعلم ،نسـأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً .